منذ فترة ليست بطويلة قرر بعض اصدقائى اختيارى كمرشدة للعلاقات العاطفية واظن ان الاختيار كان نابع من كون كتاباتى على فقرها وخلوها من ابجديات الكتابة كانت تبوح بخبرة لم امتلكها يوما فقط كنت ألوذ ببعض الكتب والقصاصات من هنا وهناك واترك الباقى الى خيالى .. وقد وهبنى الله خيال خصب ينسج القصة فى دقائق ليقسم من سمعها بأننى عشتها بكل تفاصيلها فكيف لى ان اقص بتلك الدقة أن لم اكن قد عاصرتها حقا ..
وربما ايضا لان الكثير منا يرغب بأن يكون هناك فكر اخر يلجاء اليه فقد يوافق جنونه او ينتقده فقط ليجد عذرا فما سيفعل .. فنسبة كبيرة تقرر بعد لجوئها الى الغير قرارات كان يمكن اتخاذها دون السير وراء تفسيرات واسباب قد تترك احيانا اثارها على حياتنا حين تمر السنوات ويتذكر صاحب الامس ماضينا ..
والغريب انك تكتشف بانك تهب النصيحة وانت اول من يهزم امام نظرة حب .. رسالة .. او حتى اهمال ممن تحب .. هكذا نحن .. اعتدت دائما ان اقول اننا نحب فى الحبيب قسوته لا حنانه .. رفضه لا تودده .. فالسهل ممتنع ..
تصادف انى فى يوم كنت فيه احوج الناس الى من ابوح له ببعض همومى فأذا بصديقة ترن على هاتفى طلبا للرحمة .. هكذا مازحتها وكاننى من سيهب حياتها الراحة .. قالت لى ينسانى بمجرد ان اغيب عن ناظره .. احاول ان اكون ابتسامة دائمة وشمس تشرق له فى كل يوم .. ابعث برسالة شوق فى كل لحظة واختار الكلمات كما اختار ثيابى حين ألتقيه .. فيهملنى .. كثيرة هى المرات التى يجاوبنى الصمت فيه على كل كلمة ..
كان ردى عليها حاولى ان تبحثى عن اشياء اخرى غيره .. جددى افكارك ببعض الكتب او حتى بالقيام بما تحبه النساء .. التسكع فى الشوارع والشراء .. اشبعى شهيتك بقالب من الحلوى وتنفسى سيجارة على اى من المقاهى قربك .. واغلقى هاتفك امام شهواتك فمرور يوم دون رسالة له .. سيجعل اليوم الاخر اكثر سهولة .. اخبرتها صومى عنه .. وتعففى .. فذلك مثل انسان كان ضال .. فوجد ..
تنهداتها اخبرتنى بأنها على وشك الانفجار بالبكاء او الصراخ .. ربما ارادت ان تقول لى ليس سهلا .. فالسهل عندها ان تنأى عن تدخين سيجارة على ان تغلق ذلك الهاتف .. تدمن النظر اليه فقط فهو بالنسبة اليها رسول .. حتى وان حمل لها رسالة باردة .. يكفى انها منه .. عناء كتابة رسالة لها شئ كبير اليس صعب عليه هو الرجل المشغول وصاحب الاعمال الكبيرة ان يقوم بالضغط على رسالة من هاتفه بكلمة .. ربما هذا يكلفه الكثير ..
حين وصلت الى وداعها جائنى شعور بأنها بحاجة الى كلمة منى ... الى قول كونى انت المبادرة .. اخبرتها بما شعرت .. جأتنى صوتها كمن عثر على كنز سليمان .. هل يعنى ذلك ان تتصل او تبعث له برسالة .. او ربما ترسل ببعض الازهار الى مكتبه .. عسى ان يدفعه ذلك الى طرق بابها ..
قلت .. ان لم ترجعه لك خمس سنوات من الحب والكثير من الاوراق والرسائل .. والليالى الطويلة بانتظاره ..
ان لم ترجعه تلك الاثواب الغالية التى تعبت فى البحث عنها بالاسواق ودفعتى ثمنها من احلامك .. وطموحك ..
ان لم ترجعه كل من اغلقتى بابك بوجههم من اجله .. وكل دمعة نزلت من عينك فى عرس ما .. فلن يعود
أبعثى ما شئتى فلن تحركى به شئ فمن بخل على مثلك بمشاعره لن يستطيع ام يجود لك بالسنين التى ضاعت لاجله ..
تعذبى به .. داومى على الادمان فى صوره ورسائله القديمة .. فيوم ما .. ستملين منها ستفقد معناها حين تعتادين عليها ..
تذكرى دائما .. نحن اسرى مشاعرنا فى اوقات كثيرة ولكن لكل اسير لحظة حرية .. فما طال اسر ولا دام سجان ..
اغلقت .. وعجبت من نفسى .. وهل انا حررت نفسى من ذلك السجان .. عجيب كيف نبدو امام الغير .. وكيف يصعب علينا الحال فى انفسنا ..